بعد الولادة، يمر جسد المرأة بمرحلة انتقالية تشمل تغيرات هرمونية متعددة، ومن أبرز هذه التغيرات هو عدم انتظام الدورة الشهرية. قد يُربك هذا الأمر بعض الأمهات الحديثات، خاصة إذا لم يكن لديهن خلفية كافية حول ما يمكن اعتباره طبيعيًا خلال هذه الفترة. من المهم أن تعرف المرأة أن جسدها يحتاج إلى بعض الوقت ليستعيد توازنه، وأن اضطراب الدورة الشهرية في هذه المرحلة لا يُعد أمرًا غير مألوف.
الأسباب الشائعة لـ عدم انتظام الدورة الشهرية بعد الولادة
تتضمن أهم أسباب عدم انتظام الدورة الشهرية بعد الولادة:
التغيرات الهرمونية
أثناء فترة الحمل، ترتفع معدلات هرموني الإستروجين والبروجستيرون بشكل كبير. بعد الولادة، تنخفض هذه الهرمونات فجأة، مما يؤدي إلى تقلبات تؤثر مباشرة على الدورة الشهرية. كما أن هرمون البرولاكتين، الذي يرتفع لإنتاج الحليب، يلعب دورًا في تثبيط الإباضة، مما يؤخر عودة الدورة أو يجعلها غير منتظمة.
تأثير الرضاعة الطبيعية
تلعب الرضاعة الطبيعية دورًا رئيسيًا في تأخير عودة الدورة الشهرية. إذ إن البرولاكتين، وهو الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب، يعوق عملية التبويض. لذلك، غالبًا ما تغيب الدورة خلال فترة الرضاعة أو تكون غير منتظمة إلى حين التوقف التدريجي عن الإرضاع.
الضغط النفسي والإجهاد
تُعد فترة ما بعد الولادة مرحلة مليئة بالتحديات النفسية والجسدية، كقلة النوم، وتغيير نمط الحياة، وزيادة المسؤوليات. كل هذه العوامل تؤثر على التوازن الهرموني، ما قد يؤدي إلى تأخر الدورة أو تقلبها.
متى يمكن أن تعود الدورة الشهرية بعد الولادة؟
في حال عدم الرضاعة الطبيعية
عند النساء اللواتي لا يُرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية، قد تعود الدورة الشهرية خلال ستة إلى ثمانية أسابيع بعد الولادة. من المحتمل أن تختلف أول دورة من حيث الشدة أو التوقيت مقارنة بما كانت عليه قبل الحمل.
في حال الرضاعة الطبيعية
بالنسبة للأمهات المرضعات، قد تتأخر عودة الدورة لفترة تتراوح من عدة أشهر إلى ما بعد الفطام الكامل. ومع ذلك، لا يعني غياب الدورة أن المرأة لا تُبَيّض، وبالتالي فإن احتمال الحمل لا يزال قائمًا.
خصائص الدورة الشهرية بعد الولادة
من الطبيعي أن تختلف خصائص الدورة الشهرية بعد الولادة، وتشمل هذه الاختلافات:
- طول المدة: قد تكون أطول أو أقصر من المعتاد.
- كمية النزف: يمكن أن تزيد أو تقل عن السابق.
- شدة التقلصات: بعض النساء قد يشعرن بآلام أشد أو أخف.
- عدم الانتظام: قد يتطلب الأمر بضع دورات شهرية لتعود إلى نمطها الطبيعي.
غالبًا ما تكون هذه التغييرات مؤقتة وتزول مع مرور الوقت.
متى يصبح الأمر مقلقًا؟
في معظم الحالات، لا يدعو عدم انتظام الدورة بعد الولادة للقلق. لكن يُستحسن استشارة الطبيب في الحالات التالية:
- استمرار اضطراب الدورة لأكثر من ستة أشهر بعد الولادة.
- وجود نزيف غزير أو متكرر.
- الشعور بآلام غير معتادة.
- غياب الدورة رغم التوقف عن الرضاعة.
- الشك بوجود حمل جديد.
خطوات عملية لدعم انتظام الدورة بعد الولادة
- اتباع نظام غذائي متوازن: التغذية الجيدة تدعم استقرار الهرمونات.
- الحرص على الراحة: النوم قدر الإمكان يعزز الصحة الهرمونية، رغم صعوبة تحقيقه مع وجود طفل رضيع.
- ممارسة أنشطة بدنية معتدلة: مثل المشي أو اليوغا، لتحفيز الدورة الدموية وتحسين الحالة النفسية.
- إدارة التوتر: من خلال أنشطة الاسترخاء أو الحديث مع أشخاص داعمين.
قد يهمك: أهم أسباب فشل الحقن المجهري
الخلاصة
اضطراب الدورة الشهرية بعد الولادة أمر طبيعي ومتوقع، خاصةً عند الأمهات المرضعات. ولا داعي للقلق المفرط، فالجسد يحتاج وقتًا ليستعيد توازنه بعد كل ما مر به خلال الحمل والولادة. ومع الوقت والاعتناء بالنفس، يعود الجسم إلى طبيعته. أما إذا استمر القلق أو ظهرت أعراض غير معتادة، فزيارة الطبيب ستكون الخطوة الأنسب للاطمئنان.
المراجع: